الأحد، 5 ديسمبر 2010

الخطبة المنزوعة الراء ..لواصل ابن عطاء

   الحمد لله القديم بلا غاية، والباقي بلا نهاية، الذي علا في دنوه، ودنا في علوه؛ فلا يحويه زمان، ولا يحيط به مكان، ولا يؤوده حفظ ما خلق، ولم يخلقه على مثال سبق، بل أنشأه ابتداعا، وعدله اصطناعا، فأحسن كل شيء خلقه، وتمم مشيئته، وأوضح حكمته؛ فدل على ألوهيته، فسبحانه لا معقب لحكمه، ولا دافع لقضائه، تواضع كل شيء لعظمته، وذل كل شيء لسلطانه، ووسع كل شيء فضله، لا يعزب عنه مثقال حبة وهو السميع العليم.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، إلها تقدست أسماؤه، وعظمت آلاؤه، وعلا عن صفات كل مخلوق، وتنزه عن شبيه كل مصنوع؛ فلا تبلغه الأوهام، ولا تحيط به العقول ولا الأفهام، يعصى فيحلم، ويدعى فيسمع، ويقبل التوبة من عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون.
وأشهد شهادة حق، وقول صدق بإخلاص نية وصحة طوية أن محمد بن عبد الله عبده ونبيه وخالصته وصفيه، ابتعثه إلى خلقه بالبينة والهدى ودين الحق فبلغ مألكته، ونصح لأمته، وجاهد في سبيل الله لا تأخذه في الحق لومة لائم، ولا يصده عنه زعم زاعم، ماضيا على سنته، موفيا على قصده حتى أتاه اليقين فصلى الله على محمد وعلى آل محمد أفضل وأزكى وأتم وأنمى وأجل وأعلى صلاة صلاها على صفوة أنبيائه، وخالصة ملائكته، وأضعاف ذلك إنه حميد مجيد.
أوصيكم عباد الله مع نفسي بتقوى الله، والعمل بطاعته، والمجانبة لمعصيته، وأحضكم على ما يدنيكم منه، ويزلفكم لديه؛ فإن تقوى الله أفضل زاد، وأحسن عاقبة في معاد، ولا تلهينكم الحياة الدنيا بزينتها وخدعها، وفواتن لذاتها، وشهوات آمالها؛ فإنها متاع قليل، ومدة إلى حين، وكل شيء منها يزول فكم عاينتم من أعاجيبها، وكم نصبت لكم من حبائلها، وأهلكت من جنح إليها، واعتمد عليها، أذاقتهم حلوا، ومزجت لهم سما، أين الملوك الذين بنوا المدائن، وشيدوا المصانع وأوثقوا الأبواب، وكاثفوا الحجاب، وأعدوا الجياد، وملكوا البلاد، واستخدموا التلاد؟!
قبضتهم بمحملها، وطحنتهم بكلكلها، وعضتهم بأنيابها، وعاضتهم من السعة ضيقا، ومن العزة ذلا، ومن الحياة فناء؛ فسكنوا اللحود، وأكلهم الدود، وأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم، ولا تجد إلا معالمهم، ولا تحس منهم من أحد، ولا تسمع لهم نبسا، فتزودوا عافاكم الله؛ فإن أفضل الزاد التقوى، واتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون، جعلنا الله وإياكم ممن ينتفع بمواعظه، ويعمل لحظه وسعادته، وممن يستمع القول فيتبع أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب، إن أحسن قصص المؤمنين وأبلغ مواعظ المتقين كتاب الله الزكية آياته، الواضحة بيناته؛ فإذا تلي عليكم فأنصتوا له واسمعوا لعلكم تفلحون.
أعوذ بالله القوي من الشيطان الغوي، إن الله هو السميع العليم، قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد.
ثم قال :
نفعنا الله وإياكم بالكتاب الحكيم، والوحي المبين، وأعادنا وإياكم من العذاب الأليم، وأدخلنا وإياكم جنات النعيم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عاصفةالحسم

بسم الله الرحمن الرحيم عاصفةالحسم شعر / ادريس نور محمد على * تاقت النفوس لأرض الطهر .......والنقاء الحرم الشريف قبلة النور ومحط الرجاء م...