وانا اقلب باحثا في مكتبة المنزل عن كتاب اعيد مطالعته و اشغل به وقتي صادفت كتابا قيما لم اطالعه من قبل و لعله كتابا جديدا اضافه (والدي) العزيز الي سلسلة مقتنيات مكتبة المنزل أوهو كتاب قديم كان مخبئا بين الكتب وظل محجوبا عني لفترة من الوقت وانا أمد يدي لأتناوله من بين الكتب وجدت نفسي سعيدا به ورحت اقلب صفحاته بشغف وأراجع محتواه من الغلاف إلي الغلاف وكانت فرحتي كبيرة عندما تأكدت انه لم يسبق لي رؤيته اوالاطلاع عليه فأنت اخي الكريم يمكنك أن تتخيل مقدار وحجم شغف القارئ بمطالعة كتاب (دسم) المحتوي و(شيق) العبارة وقوي المنطق والحجة يستفز العقل ويشد الانتباه وهي حالة من ادمان القراءة تصيب الكثير من الناس رغم انتشار وسائل الاتصال الحديثة مازال الكتاب محتفظا بمكانته كمصدر للمعرفة ومورد للعلم .
الكتاب الذي ساحدثكم عنه يحمل عنوان (فن تفكير الانظمة – مهارات اساسية للابداع وحل المشكلات) للمؤلفين (جوزيف اوكنور) و(ايان ماكدرموت) الاول هو مستشار ومدرب ومؤلف للعديد من الكتب في علم النفس ومهارات التواصل ومنها كتابه NLPintroducingالذي حقق افضل مبيعات اما المؤلف الثاني فهو مدير ندوات التدريب علي التعليم العالمي في International Teaching Seminars وهي مؤسسة رائدة في التدريب علي البرمجة اللغوية العصبية NLP في المملكة المتحدة والكتاب صادر في طبعته الاولي عن (مكتبة جرير) بالمملكة العربية السعودية عام 2004م. عدد صفحات الكتاب (241) صفحة من القطع المتوسط .
ولفهم مادة الكتاب ومحتواه كان لابد اولا من الاجابة علي الاسئلة المتعلقة بتفكير الانظمة.
اولا ماهو تفكير الانظمة ؟؟؟؟؟؟
تفكير الانظمة يجاوز المنطق لان الناس لا يكونون دائما منطقيين وهو ينظر وراء الاحداث المنفصلة كي يصل الي نماذج وارتباطات اعمق
ثانيا لماذا يحظي تفكير الانظمة باهمية كبيرة ؟؟؟؟؟؟؟
لاننا نعيش في عالم من الانظمة فجسمك مثلا نظام وكذلك عائلتك والبيئة الطبيعية التي تعيش فيها والشركة التي تعمل بها فجميعها انظمة . وفهم كيفية عمل هذه الانظمة يذيد من كفاءتك زيادة كبيرة ويختصر الوقت ويساعدك علي تحقيق اهدافك .
إن تفكير الانظمة عملي ومفيد للغاية وهو ليس منهجا اكاديميا يتطلب معرفة بالرياضيات والهندسة فهذا الكتاب يشرح تفكير الانظمة بطريقة مباشرة مع تدريبات لتطبيقات عملية وامثلة سوف تساعدك علي إن تكون اكثر تاثيرا ونجاحا في ادارة صحتك وعملك واموالك وعلاقاتك
وسوف يوضح لك هذا الكتاب كيف :
- تحصل علي نتائج كبيرة من مجهود صغير
- إن الحلول الواضحة يمكن إن تكون اضرارها اكثر من منافعها
- تتجنب سؤ الحظ المتكرر الذي يبدو كانه يحدث تلقائيا
- إن حلولك يمكن إن تكون هي سبب المشكلة التي تحلها
- انك لاتستطيع ابدا إن تقوم بشئ واحد لان هناك دائما اثار جانبية
)لايوجد انسان كجزيرة قائمة بذاتها . كل انسان هو جزء من كل . إن موت أي انسان يقلل من حياتي ، لانني جزء من البشرية ، لذا لاتسأل ابدا عن صاحب الجنازة.انها جنازتك أنت )
الفيلسوف جون دون (1572- 1631 )
بهذه الكلمات افتتح المؤلفان مقدمة الكتاب واوضحا إن الكتاب يدور حول طريقة في التفكير تسمي (فكر الانظمة ) (systems thinking)
وهذا النظام يتجاوز الاحداث التي تبدو مستقلة ومنفصلة الي نماذج وانماط اكثر عمقا. أي انك تحاول ادراك الروابط بين الاحداث وبالتالي يتحسن فهمك للاحداث وتاثيرك فيها .
ما النظام ؟؟ النظام هو شئ يعزز وجوده ويحافظ عليه، ويعمل ككل من خلال تفاعل اجزائه . وجسمك هو افضل مثال . فهو يتكون من اعضاء عديدة ولكل منها وظيفة منفصلة ولكنها تعمل معا وتؤثر في بعضها البعض.
فالعين لاتري والساق لا تتحرك بدون وصول الدم اليها. إن حركة الساق تساعد علي عودة الدم للقلب كذلك تتاثر نبضات القلب – والهضم – بالتفكير والهضم بدوره يؤثر في افكارك ، خاصة بعد وجبة ضخمة . إن جسم الانسان نظام معقد وكذلك العائلة والعمل ومجموعة المعتقدات . والبيئة ذاتها نظام شديد التعقيد وهونظام يحتاج لمزيد من الفهم فالتلوث يجعل كثير من المناطق في افضل الاحوال كئيبة وغير صالحة للعيش فيها في اسؤا الاحوال ومع ذلك يجادل الخبراء في تاثير التطور الصناعي علي العالم.
بينما يذداد الاتصال والارتباط بين اطراف العالم، اصبحت حياتنا عرضة للتاثر بالاحداث البعيدة . فالتوتر بالشرق الاوسط يؤثر علي سعر البترول في السوق العالمية وتغير السياسة علي المستوي الحكومي يؤثر علي وظائفنا والشائعات يمكن إن تغير سعر العقارات في منطقة ما. اننا نعيش كنظام في عالم من الانظمة ولكي نفهم هذا العالم نحتاج الي مهارات فكر الانظمة.
إن الخبراء والسياسين الذين يطلب منهم حل مشكلات التلوث والاقتصاد يذيدون الموقف سؤا بالرغم من نواياهم الحسنة . إن المعلومات المتوفرة لنا ألان اكثر من ذي قبل ولكن لا يوجد ارشاد لما هو مفيد. وبدون التفريق بين ماهو مفيد وماهو غير مفيد تصبح المعلومات مصدرا للتشويش.
ولاشك إن النظر للامام والتخطيط وتوقع النتائج بعيدة المدي فكرة جيدة ولكن كيف بالضبط يمكن تنفيذ هذه الفكرة؟؟ وحتي علي المستوي الشخصي ربما لا تسير علاقاتنا، وميزانياتنا ، وعملنا ، وحياتنا كما نريد رغم اننا نبزل مابوسعنا . هناك اشياء نعتقد انها تحت سيطرتنا ولكنها تتطور من تلقاء ذاتها. وهذا التعقيد يجعلنا عاجزين عن التعامل مع الامور ، وليت لدينا مراة سحرية نري فيها مايحدث في المستقبل ؟؟
وفكر الانظمة هو الطريقة التي نفهم من خلالها بعض القواعد، والنماذج والاحداث ، وبهذا نستعد ونكتسب القدرة علي التاثير فيها إن هذا يمنحنا قدرا من السيطرة .
وموضوع الانظمة احاط به جومن التخصص والدراسة الاكاديمية كما لوكان صعب الفهم أو انه مقصور علي المهندسين وعلماء الرياضيات المتخصصين وكلمة (النظام) ذاتها تستحضر الي الذهن صورة السبورة وقد ملئت بمعادلات الجبر الصعبة المكتوبة بخط سريع . ولكن العكس هو الصحيح في الواقع . اذ إن فكر الانظمة شئ عملي والانظمة حولنا في كل مكان. وبالتالي لاتحتاج الي أي مهارات رياضية لكي تقرأ وتفهم هذا الكتاب . ولاتحتاج للتعامل مع الترموستات أو حل معادلة كي تدرك اهمية فكر الانظمة وتبداء في استخدامه.
ما فوائد فكر الانظمة ؟؟؟
- ستكون قادرا علي كسب السيطرة علي حياتك من خلال النماذج التي تسبب الاحداث . أي انه سيكون لديك سيطرة علي صحتك ، وعملك ، وميزانيتك ، وعلاقاتك . ستكون قادرا علي التنبؤ بالاحداث والاستعداد لها بدلا من إن تبقي مكتوف الايدي وهي تبداء امامك .
- ستكون لديك طرق فعالة اضافية للتعامل مع المشكلات . واستراتيجيات فعالة للتفكير . وبالتالي لن تحل المشكلات فحسب ولكن ستكون قادرا علي تغييرفكرك الذي ادي الي المشكلة من الاساس.
- ستنتهي ايام (حاول بجهد اكبر) أو علي الاقل ستقل كثيرا . إن حل حل المشكلات في الغالب يكون كمن يدفع بابا مغلغا ثم يكتشف إن اتجاه فتح الباب ناحيته . إن فكر الانظمة هو اكتشاف اتجاه فتح الباب . وبمجرد إن تعرف تفتح الباب بدفعة بسيطة.
- إن فكر الانظمة اساس للتفكير والتواصل الواضحين ، وهوطريقة للنظر الي مدي ابعد ورؤية المذيد . إن التفسيرات الواضحة واراء الاغلبية لاتكون دائما صحيحة . ومع منظور مختلف واوسع ستري بالضبط مايحدث ثم تتصرف تصرفات تعرف انها الافضل علي المدي البعيد .
- إن فكر الانظمة سيساعدك علي تجاوز القاء اللوم علي الاخرين اوعلي نفسك . اننا في الغالب نخطئ في القاء اللوم ، لان الناس عادة يقومون بواجبهم علي اكمل وجه في النظام الذي يشاركون فيه . والسبب في المشكلة هو بنية النظام نفسه وليس المجهودالذي يبزله الاشخاص والسبيل لتحقيق المزيد من التحكم هو فهم بنية النظام .
- فكر الانظمة هواداة رئيسية لمساعدتك علي التعامل مع نفسك والاخرين ، بفعالية . ففي العمل، يساعدك علي فهم تعقيدات العملية وبالتالي ستعرف كيف تحسنها . ويفيد فكر الانظمة كذلك مع الفرق وبناء الفرق لان الفرق تعمل كنظام .
ولو إن فكر الانظمة رائع هكذا ، فما السبب في عدم معرفتنا به معرفة افضل ؟؟؟
- اولا: لانه يستخدم غالبا في العمليات الرياضية والفنية وبالتالي محصور في الاطار الاكاديمي ، وولم يبداء انتشاره بين جمهور اكثر اتساعا الا حديثا .
- ثانيا : لان الابتكار يسبق التعليم كثيرا وبالتالي لايستجيب التعليم للافكار الجديدة ، لان المنهج المدرسي أو الجامعي يوضع ليستمر سنوات ويحتاج سنوات ليتم اعداده وبالتالي فان هناك مسافة بين مايحدث في المجتمع وما يتواجد بالمنهج المدرسي . وقد بداء تدريس فكر الانظمة بالفعل في بعض المدارس ونحن واثقون من زيادة هذا الاتجاه .
اننا نتعلم التفكير المنطقي أي الفهم من خلال التحليل وهو تفكيك الاحداث الي اجزاء ثم تجميعها. احيانا ينجح هذا. ولكن هناك مشكلات في تطبيق طريقة التفكير هذه علي كل المواقف . وهذه الطريقة لا تنجح عند تطبيقها علي الانظمة، لان الناس والاحداث لا تحكمها قواعد المنطق ، اذ لايسهل التنبؤ بها وحلها مثل المعادلات الرياضية وبالتالي لاتنفع معها الحلول المنطقية المنظمة والسريعة .
والسبب وراء عجز التفكير المعتاد عن التعامل مع الانظمة هو ميل هذا التفكير الي التركيز علي سلاسل بسيطة من الاسباب والنتائج محددة بالزمان والمكان بدلا من التعامل مع مجموعة عوامل ذات تاثير متبادل ، وفي النظام ، قد يكون السبب والنتيجة بعيدين عن بعضهما في الزمان والمكان . فقد لا تظهر النتيجة قبل ايام اواسابيع أو اعوام . ومازال علينا إن نتصرف ألان . وقد تكون النتائج بعيدة المدي نتائج جيدة، فالابوة الصالحة تصنع اطفلا مهذبين ومبدعين ، يصبحون بدورهم اباء صالحين ، وقد يؤدي قرار حكيم في احدي الشركات الي فتح سوق جديد مربح بعد شهور رغم إن هذا يبدوا مستحيلا ألان، وقد يؤدي الاستثمار في سوق الاوراق المالية لمدة عام واحد الي اموال طائلة فيما بعد . ومن ناحية اخري قد تكون النتائج ضارة ، فقد تؤدي المبيدات الحشرية والمواد الكيميائية المستخدمة في الصناعة ، علي سبيل المثال ، الي نتائج بالغة السوء علي البيئة قد لاتكتشف قبل عدة عقود . فمازلنا لم نكتشف النتائج بعيدة المدي للكثير من المواد الكيميائية التي نضعها في التربة والماء والهواء الذي نستنشقه ، ونامل الا يفوت الاوان قبل إن نكتشف النتائج اذا كانت خطيرة ونحاول السيطرة عليها وعكس اثارها .
مالم تربط السبب بالنتيجة ، لن تتعلم من التجربة ولن تتخذ القرار الصائب . التحليل المنطقي يمكن إن يضللك ، كما يمكن إن يؤدي الحل الواضح لتدهور الموقف ، وقد يكون الحل النهائي بعيدا تماما عن التفكير المنطقي . فمثلا نشوب حريق في الغابات يتطلب التدخل مباشرة . ولكن اذا اتسع نطاق الحريق ، قد لاتستطيع نقل الماء الكافي لمكان الحريق . وقد يتغير اتجاه الرياح وبالتالي تمتد النيران في اتجاه اخر بعد إن تكون اخمدتها في مكان ما ، فماذا تفعل ؟؟ تقوم انت بصنع حريق حيث تحرق اماكن معينة تحت السيطرة وحين يصل اليها الحريق الرئيسي لايجد ما يحرقه وبالتالي ينتهي . وهناك مثال اخر وهو الشعور بالقلق قبل مواجهة تحد ما. فمحاولة تهدئة القلق بان تنكره لا يكون تاثيره كبيرا . ولكن الاعتراف به واستيعابه كاملا ثم التركيز علي شئ اخر هو الحل
والنظام المعقد يعمل بطريقة لا يمكن التنبؤ بها من خلال النظر الي الاجزاء .فمثلا حين تعمل اجهزة جسمك بانتظام تشعر بالراحة. وهذا الشعور لا يوجد في القلب أو الرئتين أو الكبد ، ولن تجده في مكان معين من جسمك . انه شئ تشعر به كنظام متكامل . ولان جسمك نظام فان فكر الانظمة سيساعدك علي العناية بصحتك . سوف تزيد من تلك الاشياء التي تدعم صحتك ، وتقلل أو تتجنب الاشياء التي تضرها .
ولا يقتصر فكر الانظمة علي الصحة . فنفس البنية تنطبق علي أي نظام معقد . ولان العالم الطبيعي نظام ، فان فكر الانظمة يتمثل في معرفة كيف تزرع الزهور وتهتم بالحديقة وكيف تتعامل مع البيئة بحكمة . ويتمثل ايضا في بزل اقصي جهد من اجل شريك حياتك ومن اجل الاطفال ، لان اسرتك نظام . وانه يتمثل في التفكيرالواضح لان معتقداتك نظام. وانه ينطبق علي ادارة ميزانيتك لان ميزنيتك نظام ، وكذلك المنظمات التي تتعامل معها والاعمال التي تقوم بها . انك تعرف بالفعل الكثيرعن فكر الانظمة ، لابد انك تعرف. لانك تعيش في عالم من الانظمة . وهذا الكتاب سيكمل بناء ماتعرفه بالفطرة عن الانظمة، ولان قلبك وعقلك يشكلان كذالك نظاما ، فانك ستعرف المذيد عن نفسك .
كيف تستخدم هذا الكتاب ؟؟؟؟؟؟
صمم هذا الكتاب بحيث يقع في خمسة اجزاء :
- الاول عبارة عن مقدمة عامة للافكار الرئيسية حول فكر الانظمة مع امثلة من الحياة اليومية .
- الثاني يناقش انظمة المعتقدات أو النمازج العقلية . معتقداتنا وقيمنا وتقاليدنا تشكل نظاما ، وهي توجه سلوكنا ولا يمكن فصلها عن الطريقة التي نفهم بها الانظمة الخارجية ونؤثر عليها (ومن هنا نستطيع إن نبداء بالجزء الذي يستهويك لان هذا الكتاب نظام ايضا وكل الاجزاء مترابطة ).
- ويتناول الجزء الثالث المناظير المختلفة ، وكيف يوسع فكر الانظمة رؤيتنا بحيث يزيد ابداعنا وكفاءتنا في حل المشكلات
- ويتناول الجزء الرابع مايسمي (نماذج الانظمة) ، تلك الانماط التي تتكرر مثل الاحداث المعتادة في اجزاء مختلفة من حياتنا. سوف تتعلم كيف تتعرف عليها وتتعامل معها في العمل والصحة والعلاقات .
- اما الجزء الخامس فيجمع الخيوط ويقترح بعض التطبيقات العملية
- وهناك جزء اخير ، وهو جزء يشتمل علي تاريخ مختصر لفكر الانظمة .
اتمني إن اكون قد وفقت في عرض محتوي الكتاب وهو في رائي مفيد وعملي للغاية لارتباطه بحياة الناس وهو يقدم حلولا علمية وعملية مقبولة لتعقيدات ومشكلات الحياة اليومية باسلوب راقي وسهل ولهذا يمكن إن تستفيد منه كل شرائح المجتمع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق